سارة بوزيان عضو برونزي
عدد مساهماتك : 65 تاريخ ميلادك : 24/09/1990 تاريخ تسجيلك : 25/07/2010 سنك : 34
| موضوع: مسألة في جواز البيعة على التقوى 2010-07-30, 3:13 pm | |
|
لا يجادل اليوم أحد في أن قيام جماعات إسلامية في هذا العالم أضحى واجبا شرعيا تحتمه ضرورة إقامة دين الله في الأرض، وتحقيق الاستخلاف المرتبط بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهي واجبات لا يمكن تثبيتها على أرض الواقع دون سلطة رادعة ومؤدبة. وإذا كان وجود الأمير ضرورة نص عليها الشرع ولا ينكرها العقل فمن باب أولى وجود هذا الأمير في الجماعات الإسلامية التي تسعى إلى إقامة الخلافة العظمى حتى تجتمع كلمة المؤمنين الطليعيين وتتحد رؤاهم، ويكون منهم من يفصل في منازعاتهم ويرجح بين آرائهم. "ومبايعته على أمور جزئية مشروعة من الإسلام جائزة، على ألا يكون لها آثار البيعة لأمير المؤمنين". لأدلة كثيرة أورد بعضها الأستاذ مشهور حسن سلمان في "نصيحته الذهبية" ومنها ومن كتب غيرها انتخبت هذه الشواهد:
- قال الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود }. نقل القرطبي في تفسيره عن الزجاج أنه قال: "المعنى: أوفوا بعقد الله عليكم، وبعقدكم بعضكم على بعض. وهذا راجع إلى القول بالعموم، وهو الصحيح في الباب. قال صلى الله عليه وسلم:{المؤمنون عند شروطهم}. وقال:{كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط}. فبين أن الشرط أو العقد الذي يجب الوفاء به، ما وافق كتاب الله، أي دين الله، فإن ظهر فيها ما يخالف رد، كما قال صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" [1].
- أخرج الإمام أحمد في "المسند" بسند جيد أن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت لابن أبي الشائب قاص أهل المدينة: "ثلاثا لتبايعني عليهن أو لأناجزنك. فقال: ما هن؟ بل أبايعك يا أم المؤمنين! قالت: اجتنب السجع من الدعاء، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا لا يفعلون ذلك، وقص على الناس في كل جمعة مرة، فإن أبيت فاثنتين، فإن أبيت فثلاثا فلا تمل الناس هذا الكتاب [أي بسماع القصص تنسى كتاب ربها وتمله]، ولا ألفينك تأتي القوم، وهم في حديث من حديثهم، فتقطع عليهم حديثهم. ولكن اتركهم، فإذا جرءوك [أي قدموك] عليه، وأمروك به، فحدثهم".
- خبر حلف الفضول في سيرة ابن إسحاق، الذي وثقه الإسلام، وقام لأجله عبد الله بن الزبير والمسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التميمي، ينصرون الحسين بن علي على الوليد بن عتبة لخلاف ثار بينهما على مال. وكانوا قد تبايعوا على التناصر.
- أخرج مسلم في صحيحه وأحمد في "المسند" عن حذيفة بن اليمان قال: << ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا وأبي حسيل. قال: فأخذنا كفار قريش. قالوا: إنكم تريدون محمدا؟ فقلنا: مانريده. ما نريد إلا المدينة. فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه. فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر. فقال: {انصرفا، نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم}. واستخدام البيعة والعهد والعقد بمعنى واحد معروف عند الفقهاء.
- مبايعة الإمام الشهيد أبي عبد الله أحمد بن نصر بن مالك بن الهيثم الخزاعي المروزي الناس على مباينة من يقول: القرآن مخلوق، وقيامه أيام الواثق. وكانت بيعته هذه ـ وزكاها أحمد بن حنبل ـ تجديدا للعهد على التأصيل. ومبايعة عبد الله بن الجارود أهل البصرة على إخراج الحجاج من العراق، وخلع عبد الملك نفسه إن أبى إزالة الحجاج". فبايعه الناس سرا وأعطوه المواثيق على الوفاء وأخذ بعضهم على بعض العهود"[2] وكان ممن بايعه عبد الله بن مالك بن أنس الأنصاري وقتل معه، واعتقل بعد فشل "ثورته" أنس بن مالك صاحب الرسول وخادمه واتهم بالتعاون مع ابن الجارود، فسبه الحجاج وضيق عليه، ونعته والأنصار بالنفاق وغيره.
- قال شيخ الإسلام في المعلمين وأتباعهم من المتأدبين[3]: "وإذا اجتمعوا على طاعة الله ورسوله وتعاونوا على البر والتقوى لم يكن أحد في كل شيء [أي لم يكونوا يدا واحدة في الحق والباطل] بل يكون كل شخص مع كل شخص في طاعة الله ورسوله، ولا يكونون مع أحد في معصية الله ورسوله، بل يتعاونون على الصدق والعدل والإحسان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونصر المظلوم". وذم ابن تيمية تحول المؤدبين عن مرشديهم بدون سبب حقيقي فقال: "ولا ريب أنهم إذا كانوا على عادتهم الجاهلية [يقصد في التعليم والتحالف] كان المنتقل عن الأول إلى الثاني ظالما باغيا ناقضا لعهده غير موثوق بعقده، وهذا أيضا حرام وإثم، وهذا أعظم من إثم من لم يفعل مثل فعله، بل مثل هذا إذا انتقل إلى غير أستاذه وحالفه كان قد فعل حراما، فيكون مثل لحم الخنزير الميت! فإنه لا بعهد الله ورسوله أوفى، ولا بعهد الأول، بل كان بمنزلة المتلاعب الذي لا عهد له، ولا دين ولا وفاء. وقد كانوا في الجاهلية يحالف الرجل قبيلة فإذا وجد أقوى منها نقض عهد الأولى وحالف الثانية ـ وهو شبيه بحال هؤلاء ـ". ويذكر ابن تيمية صيغة البيعة للمرشد المربي المعلم فيقول: "ويحسن أن يقول لتلميذه: عليك عهد الله وميثاقه أن توالي من والى الله ورسوله، وتعادي من عادى الله ورسوله، وتعاون على البر والتقوى ولا تعاون على الإثم والعدوان، وإذا كان الحق معي نصرت الحق، وإن كنت على الباطل لم تنصر الباطل. فمن التزم هذا كان من المجاهدين في سبيل الله تعالى، الذين يريدون أن يكون الدين كله لله، وتكون كلمة الله هي العليا". والواقع أن المطلع على هذه الجواهر النفيسة، والدرر اليتيمة يظن أنه يقرأ لسيد قطب أو المودودي أو لأحد منظري الحركة الإسلامية المعاصرين. ولا أدري كيف غابت هذه الفصوص الزمر دية عن أدعياء السلفية الذين كثيرا ما يرفعون كلام ابن تيمية إن وافق في أنفسهم هوى، لا أدري كيف غاب عنهم حين بدعوا الجماعات، وحرموا تكوينها والدعوة إليها، وحاربوا البيعة فيها. ولكن لعنة الله على "ثـقافة العناوين"!. ولم يكتف ابن تيمية بما أوردنا من صريح دعوته إلى البيعة للجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر... بل إنه أجاز جمع الأموال للقيام بكل ما ذكرنا ـ جمع المساهمات المادية الاختيارية من الأعضاء في الحركة الإسلامية المعاصرة ـ يقول رحمه الله: "وللمعلمين أن يطلبوا جعلا ممن يعلمونه هذه الصناعة... ولو أهدى المتعلم لأستاذه لأجل تعليمه... كان ذلك جائزا، للأستاذ قبوله، وبذل العوض في ذلك من أفضل الأعمال... وإن بذل أحدهم شيئا طابت به نفسه من غير إلزام له أطعم به الجماعة، أو أعطاه للمعلم أو أعطاه لرفيقه، كان ذلك جائزا". وحتى لا يقول قائل: إن الإمام يقصد بهذا القول أصحاب الحرف والمعلمين غير الذين نعني فإليه ما ختم به الشيخ الكلام السابق وهو يوضح كامل المقصود: "وأصل هذا: أن يعلم أن هذه الأعمال عون على الجهاد في سبيل الله، والجهاد في سبيل الله مقصوده أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا"[4].
وحتى يخرج البعض من الخلاف الذي يثيره اسم البيعة وإمكان تلبيس الأمر واختلاطه بين البيعة الجزئية للمرشد الإسلامي وبين البيعة للإمام، فقد اقترحوا استعمال العقد بدل البيعة في الحركة الإسلامية. قال الشيخ ابن باز في رسالة له مؤرخة ب 11/4/1408 لبعض طلبة العلم: "أما تشديدك في إنكار البيعة، فقد اقترحت على قادتهم ـ أي قادة الحركة الإسلامية ـ لما اجتمعت بهم في موسم الحج الماضي بمكة، ـ وحصل بيني وبينهم من التفاهم ما نرجو فيه الفائدة ـ أن يكون "عهدا" بدل "بيعة"، فقبلوا ذلك، ولعلهم تعلقوا بما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الجزء 28 ص.21 من الفتاوى، من عدم إنكار ذلك" [5]. وفي هذا تأكيد لما صرح به أحمد بن تيمية ـ رحمه الله ـ وقد يكون في اقتراح ابن باز بعض الفائدة، والله أعلم.
وقد جوز البيعة للمرشد الإسلامي ودعا لها كثير من المحدثين منهم الدكتور عدنان علي رضا النحوي والأستاذ مشهور حسن سلمان، زيادة على الإسلاميين الحركيين الذين يتبنون البيعة عمليا.
| |
|
thebast عضو برونزي
الهواية : المهنة : المزاج : دولتك : عدد مساهماتك : 72 تاريخ ميلادك : 30/05/1991 تاريخ تسجيلك : 18/09/2010 سنك : 33
| موضوع: رد: مسألة في جواز البيعة على التقوى 2010-09-18, 9:31 am | |
| | |
|