سارة بوزيان عضو برونزي
عدد مساهماتك : 65 تاريخ ميلادك : 24/09/1990 تاريخ تسجيلك : 25/07/2010 سنك : 34
| موضوع: أدب النـبــــوة 2010-07-30, 3:09 pm | |
| الحمد لله الذي خلق كل شيء فأحسن خلقه وتربيته، وأدب نبيه محمدا فأحسن تأديبه، وزكى أوصافه وأخلاقه ثم اتخذه صفيه وحبيبه، ووفق للإقتداء به من أراد تهذيبه، وحرم عن التخلق بأخلاقه من أراد تخييبه،
وصلى الله على سيدنا محمد سيد المرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين وسلم كثيرا.
أما بعد، فإن آداب الظواهر عنوان آداب البواطن، وحركات الجوارح ثمرات الخواطر، والأعمال نتيجة الأخلاق، والآداب رشح المعارف، وسرائر القلوب هي مغارس الأفعال ومنابعها، وأنوار السرائر هي التي تشرق على الظواهر فتزينها وتجليها، وتبدل بالمحاسن مكارهها ومساوئها، ومن لم يخشع قلبه لم تخشع جوارحه، ومن لم يكن صدره مشكاة الأنوار الإلهية لم يفض على ظاهره جمال الآداب النبوية.
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير الضراعة والابتهال، دائم السؤال من الله تعالى أن يزينه بمحاسن الآداب و ومكارم الأخلاق، فكان يقول في دعائه " اللهم حسن خلقي و خلقي" 1 ويقول " اللهم جنبني منكرات الأخلاق" 2 فاستجاب الله تعالى دعاءه فأنزل عليه القرآن وأدبه به، حتى صار خلقه وسلوكه ، قال سعد بن هشام : " دخلت على عائشة رضي الله عنها وعن أبيها فسألتها عن أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : أما تقرأ القرآن؟ قلت بلى قالت : كان خلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن" 3 وقد خاطب الله نبيه وحبيبه مثنيا عليه ومظهرا نعمته لديه فقال : " وإنك لعلى خلق عظيم"4.ثم انظر إلى عميم لطفه وعظيم فضله سبحانه كيف أعطى ثم أثنى، فهو الذي زينه بالخلق الكريم ثم أضاف إليه ذلك، وقد سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حسن الخلق فتلا قوله تعالى " خذ العفو وامر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين" ثم قال صلى الله عليه وسلم: هو أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك" 5
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحلم الناس، وأشجع الناس وأعدل الناس، وأعف الناس لم تمس يده قط يد امرأة لا يملك رقها أو عصمة نكاحها أو تكون ذات محرم منه، وكان أسخى الناس لا يُسأل شيئا إلا أعطاه، يخصف نعله ويرقع ثوبه ويخدم في مهنة أهله، ويقطع اللحم معهن، وكان أشد الناس حياء، لا يثبت بصره في وجه أحد ويجيب دعوة الحر والعبد ويقبل الهدية ولو كانت جرعة لبن أو فخد أرنب ويكافئ عليها ويأكلها ولا يأكل الصدقة، ولا يستكبر عن إجابة الأمة والمسكين، يغضب لربه ولا يغضب لنفسه ، ويقوم بالحق ولو على في أهله .
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعصب الحجر على بطنه مرة من الجوع، ومرة يأكل ما حضر ولا يرد ما وجد، وإن وجد شواء أكله وإن وجد بُرا أو شعيرا أكله. لا يأكل متكئا ولا على خوان، منديله باطن قدميه، لم يشبع من خبز بر ثلاثة أيام متوالية حتى لقي الله تعالى إيثارا على نفسه لا فقرا، يجيب الوليمة ويعود المرضى ويشهد الجنائز ويمشي وحده بين أعدائه بلا حارس، أشد الناس تواضعا وأسكنهم في غير كبر، وأبلغهم في غير تطويل وأحسنهم بشرا، لا يهوله شيء من أمور الدنيا، يردف خلفه عبده أو غيره، يركب ما أمكنه مرة فرسا ومرة بعيرا ومرة بغلة شهباء ومرة حمارا ومرة يمشي راجلا حافيا بلا رداء ولا عمامة ولا قلنسوة، يعود المرضى في أقصى المدينة، يحب الطيب ويكره الرائحة الرديئة، ويجالس الفقراء، ويؤاكل المساكين ويكرم أهل الفضل في أخلاقهم، ويتألف أهل الشرف بالبر لهم، يصل ذوي رحمه من غير أن يؤثرهم على من هو أفضل منهم، لا يجفو على أحد، يقبل معذرة المعتذر إليه، ويمزح ولا يقول إلا حقا ويضحك من غير قهقهة، يرى اللعب المباح ولا ينكره، يسابق أهله، وترفع الأصوات عليه فيصبر، كان لا يترفع على عبيده وإمائه لا في مأكل ولا ملبس.
يقول أنس رضي الله عنه " خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أف قط و لا لشيء صنعته لم صنعته"6 لا يمضي له وقت في غير طاعة الله تعالى، يخرج إلى بساتين أصحابه ، لا يحتقر مسكينا لفقره، ولا يهاب ملكا لملكه، يدعو هذا وهذا إلى الله دعاء مستويا ، يبدأ من لقيه بالسلام ويبدأ أصحابه بالمصافحة ولم ير قط مادا رجليه بين أصحابه يكرم من يدخل عليه وربما بسط له ثوبه ويؤثره بالوسادة التي تحته ويعزم عليه في الجلوس عليها إن أبى، يكني أصحابه ويدعوهم بأحب أسمائهم تكرمة لهم قال جرير بن عبد الله : " ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم "7 وعن عائشة رضي الله عنها قالت " ما كان أحد أحسن خلقا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وما دعاه أحد من أصحابه ولا أهل بيته إلا قال لبيك ".8
بهذا وصفه ابن أبي هالة والصحابة رضوان الله عليهم جميعا وقال : كان دائم البشر عظيم الخلق لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب ولا فحاش ولا عياب ولا مداح ، يتغافل عما لا يشتهي ولا يؤيس منه أحد ، يمازح أصحابه ويخالطهم ويحادثهم، ويداعب صبيانهم، ويجلسهم في حجره قال عبد الله بن الحارث " ما رأيت أحدا أكثر تبسما من ر سول الله " وعن انس رضي الله عنه قال " كان خدم المدينة يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الغداة بآنيتهم فيها ، فما يؤتى بآنية إلا غمس يده فيها وربما كان ذلك في الغداة الباردة-يريدون به التبرك" وقال علي كرم الله وجهه " كان أوسع الناس صدرا وأصدق الناس لهجة وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة "9 قد جمع الله تعالى له السيرة الفاضلة و السيادة التامة في الدنيا والآخرة وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب و الأمية في حقه شرف . نشأ في بلاد الجمال والصحارى وفي رعاية الغنم يتيما لا أب له ولا أم فعلمه الله تعالى جميع محاسن الأخلاق والطرق الحميدة وأخبار الأولين وما فيه النجاة والفوز والخلاص في الآخرة.
وفقنا الله لطاعته والامتثال لأمره والتأسي به في فعله آمين يا رب العالمين.
| |
|
thebast عضو برونزي
الهواية : المهنة : المزاج : دولتك : عدد مساهماتك : 72 تاريخ ميلادك : 30/05/1991 تاريخ تسجيلك : 18/09/2010 سنك : 33
| موضوع: رد: أدب النـبــــوة 2010-09-18, 9:33 am | |
| مشكوررررر على المجهود الرائع | |
|