فكرة جائتني
وأتمني مشاركتكم لنجاحها سيكون الموضع كما بالعنوان أن يأتي كل عضو بقصيدة
راقت إليه أعجبته فكرتها وكلماتها من شعر فصيح أو شعر عامي لأي شاعر أو
شاعرة من مختلف العصور والمدارس الشعرية , و إن أمكن يكتب العضو نبذة قصيرة
عن مؤلف القصيدة.
وستكون البداية هنا بقصيدة أعجبتني للشاعرة الفلسطينية (فدوى طوقان)
ولدت
فدوى طوقان في نابلس عام 1917 لأسرة عريقة وغنية ذات نفوذ اقتصادي وسياسي
اعتبرت مشاركة المرأة في الحياة العامة أمرًا غير مستحبّ, فلم تستطع
شاعرتنا إكمال دراستها, واضطرت إلى الاعتماد على نفسها في تثقيف ذاتها.
تعدّ
فدوى طوقان من الشاعرات العربيات القلائل اللواتي خرجن من الأساليب
الكلاسيكية للقصيدة العربية القديمة خروجًا سهلاً غير مفتعل, وحافظت فدوى
في ذلك على الوزن الموسيقي القديم والإيقاع الداخلي الحديث. ويتميز شعر
فدوى طوقان بالمتانة اللغوية والسبك الجيّد, مع ميل للسردية والمباشرة. كما
يتميز بالغنائية وبطاقة عاطفية مذهلة, تختلط فيه الشكوى بالمرارة والتفجع
وغياب الآخرين.
مؤلفات :
على مدى 50 عامًا, أصدرت الشاعرة ثمانية
دواوين شعرية هي على التوالي: (وحدي مع الأيام) الذي صدر عام 1952,
(وجدتها), (أعطنا حباً), (أمام الباب المغلق), (الليل والفرسان), (على قمة
الدنيا وحيدًا), (تموز والشيء الآخر) و(اللحن الأخير) الصادر عام 2000, عدا
عن كتابيّ سيرتها الذاتية (رحلة صعبة, رحلة جبلية) و(الرحلة الأصعب). وقد
حصلت على جوائز دولية وعربية وفلسطينية عديدة وحازت تكريم العديد من
المحافل الثقافية في بلدان وأقطار متعددة.
خريف ومساء
ها هي الروضة قد عاثت بها أيدي الخريف
عصفت بالسَجف الخضر وألوت بالرفيف
تعس الإعصار ، كم جار على اشراقها
جرَدتها كفَه الرعناء من أوراقها
عريت ، لا زهر ، لا أفياء ، لا همس حفيف
*
ها هي الريح مضت تحسر عن وجه الشتاءِ
وعروق النور آلت لضمورٍ وانطفاء !
الفضاء الخالد اربدَ وغشَاه السحابُ
وبنفسي ، مثله ، يجثم غيم وضباب
وظلالٌ عكستها فيَ أشباح المساء !
*
وأنا في شرفتي ، أصغي الى اللحن الأخير
وقَعته في وداع النور أجواق الطيور
فيثير اللحن في نفسي غمَا واكتئابا
ويشيع اللحن في روحي ارتباكا واضطرابا
أي أصداء له تصدم أغوار شعوري !
*
الخريف الجهم ، والريح ، وأشجان الغروب
ووداع الطير للنور وللروض الكئيب
كلها تمثل في نفسي رمزاً لانتهائي !
رمز عمرٍ يتهاوى غاربا نحو الفناء
فترةً ، ثم تلفّ العمر ، أستار المغيب
*
سيعود الروض للنضرة والخصب السّريّ
سيعود النور رفّافاً مع الفجر الطّريّ
غير أني حينما أذوي وتذوي زهراتي
غير أني حينما يخبو غداً نور حياتي
كيف بعثي من ذبولي وانطفائي الأبديّ ؟!
*
آه يا موت ! ترى ما أنت ؟ قاس أم حنون
أبشوش أنت أم جهمٌ ؟ وفيٌّ أم خؤون ؟!
يا ترى من أي آفاق ستنقضّ عليّه؟
يا ترى ما كنه كأسٍ سوف تزجيها !!
قل ، أبن ، ما لونها ؟ ما طعمها ؟ كيف تكون ؟
*
ذاك جسمي تأكل الأيم منه والليّالي
وغداً تلقى الى القبر بقاياه الغوالي
وي ! كأني ألمح الدود وقد غشّى رفاتي
ساعياً فوق حطام كان يوما بعض ذاتي
عائثاً في الهيكل الناخر ، يا تعس مآلي !
*
كلّه يأكل ، لا يشبع ، من جسمي المذاب
من جفوني ، من شغافي ، من عروقي ، من غهابي
وأنا في ضجعتي الكبرى ، وحضن الارض مهدي
لا شعورٌ ، لا انفعالات ، ولا نبضات وجد
جثّة تنحل في صمتٍ ، لتنفى في التراب
*
ليت شعري ، ما مصير الروح ، والجسم هباء ؟!
أتراها سوف تبلى ويلاشيها الفناء ؟
أم تراها سوف تنجو من دياجير العدم . .
حيث تمضي حرّةً خالدةً عبر السُدم . .
ساط النور مرغاها ، ومأواها السماء ؟!
*
عجباً ، ما قصة البعث وما لغز الخلود ؟
هل تعود الروح للجسم الملقّى في اللحود ؟
ذلك الجسم الذي كان لها يوما حجابا !
ذلك الجسم الذي في الأرض قد حال ترابا !
أو تهوى الروح بعد العتق عودا للقيود ؟!
*
حيرةٌ حائرةٌ كم خالطت ظنّي وهجسي
عكست ألوانها السود على فكري وحسّي
كم تطلعت ؛ وكم ساءلت : من أين ابتدائي؟
ولكم ناديت بالغيب : الى أين انتهائي؟
قلقٌ شوَش في نفسي طمأنينة نفسي!